تصاعدت حدة التوترات داخل أروقة نادي ريال مدريد بعد واقعة الانفعال العلني للنجم البرازيلي فينيسيوس جونيور تجاه مدربه تشابي ألونسو، خلال مباراة الكلاسيكو الأخيرة أمام برشلونة.
هذا الانفجار العاطفي لم يكن مجرد لحظة عابرة، بل كشف عن عمق الخلافات الفلسفية والشخصية التي بدأت تتشكل بين اللاعب والمدير الفني الإسباني، مهدداً استقرار "الفريق الملكي" في مرحلة حاسمة من الموسم.
وأرسلت إدارة فلورنتينو بيريز رسالة غير مباشرة إلى النجم البرازيلي، مفادها أن النادي لن يقبل بأي سلوك يضر بالفريق أو يثير الجدل، خاصة مع التزايد المستمر في الأحاديث حول انتقادات الجماهير لتصرفاته المثيرة للتوتر مع الخصوم.
وباتت العلاقة بين فينيسيوس وألونسو هي صراع بين نجم يبحث عن الأفضلية المطلقة ومدرب يسعى لفرض الانضباط والمساواة في التعامل مع وجود نجم آخر عملاق.
العلاقة المتوترة بين فينيسيوس وألونسو تُبنى على أربعة محاور رئيسية، جميعها تدور حول الشعور بفقدان المكانة، وغياب الحرية، وتصاعد الضغط الجماهيري والإداري.
1. التوتر بسبب التبديلات المتكررة وخروجه المبكر من الملعب
السبب المباشر والأكثر وضوحاً لغضب فينيسيوس هو قرار ألونسو باستبداله بشكل متكرر، لا سيما في اللحظات الحاسمة من المباريات.
وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة المباريات التي لم يكملها فينيسيوس هذا الموسم تحت قيادة ألونسو مرتفعة بشكل لافت، وهي نسبة لم يعتد عليها اللاعب منذ أن أصبح النجم الأول للفريق تحت قيادة كارلو أنشيلوتي.
ويُفسر اللاعب البرازيلي هذه التبديلات بأنها تنتقص من أهميته وقيمته الفنية داخل الفريق، وفي واقعة الكلاسيكو، التقطت الكاميرات فينيسيوس وهو يصرخ باستغراب: "أنا؟ دائماً أنا!" ويهدد بـ "الرحيل عن الفريق" غضباً من قرار التغيير.
ويرى اللاعب أنه لا ينبغي أن يكون الهدف الأول للتبديل، خاصةً عندما يشعر بأنه قادر على تقديم المزيد، بينما يصر ألونسو على أن التبديلات هي جزء من إدارته لأحمال اللاعبين وضرورة تكتيكية للحفاظ على صلابة الفريق الدفاعية في المراحل الأخيرة.
2. غيرة فينيسيوس من تألق مبابي وتحوله للنجم الأول
هناك بعد خفي للتوتر، يتعلق بوصول النجم الفرنسي كيليان مبابي وتألقه الصارخ في صفوف ريال مدريد.
ومنذ وصول مبابي، بدأ فينيسيوس يشعر بأن مركزه كنجم أول و"رجل اللحظات الحاسمة" في خطر.
ويلاحظ فينيسيوس والعديد من المصادر الصحفية أن مبابي غالباً ما يحظى بمعاملة مختلفة من ألونسو، حيث نادراً ما يُستبدل ويكاد يكون عنصراً لا يمكن المساس به في التشكيلة الأساسية حتى الدقيقة الأخيرة.
ويُغذي هذا التباين في المعاملة شعوراً لدى فينيسيوس بأن خطط ألونسو التكتيكية تدور الآن بشكل رئيسي حول مبابي، مما يقلل من دوره ويجعله مجرد "جناح" بدلاً من أن يكون القوة الهجومية المركزية للفريق.
هذا الصراع الخفي على الهيمنة بين النجمين الكبيرين يزيد من حساسية فينيسيوس تجاه أي قرار يبدو وكأنه يصب في صالح مبابي.
3. غضب الإدارة والجماهير بسبب التصرفات المثيرة للجدل
ساهمت تصرفات فينيسيوس المثيرة للجدل داخل وخارج الملعب في زيادة الضغط عليه من قبل الإدارة والجماهير على حد سواء.
اللاعب معروف بشخصيته العاطفية وردود فعله العنيفة، التي تضعه في صدامات مستمرة مع الخصوم، وتؤدي إلى توجيه البطاقات الملونة له بشكل متزايد، مما يضر بسمعة النادي وتركيزه.
ويُدرك فينيسيوس أن تصرفاته الأخيرة، مثل مغادرة الملعب غاضباً وتوجيه الكلمات القاسية للمدرب، تثير غضب الإدارة التي تحاول بكل قوتها الحفاظ على الهدوء داخل غرفة الملابس.
ويرى ألونسو، الذي عُرف بصرامته وحزمه، أن هذه التصرفات يجب أن تُقابَل بالانضباط، ويحاول فرض سلطته كمدرب مسؤول عن توجيه النقد الفني والسلوكي.
4. فقدان الحرية التكتيكية تحت قيادة ألونسو مقارنة بأنشيلوتي
يشعر فينيسيوس أيضاً بعدم الارتياح تجاه الأسلوب التكتيكي الجديد الذي يتبناه تشابي ألونسو.
ففي عهد كارلو أنشيلوتي، كان فينيسيوس يتمتع بحرية تكتيكية شبه كاملة في الجبهة اليسرى، حيث كان محور العمليات الهجومية وكان يُسمح له بالانطلاق والاستعراض بمهاراته الفردية.
أما مع ألونسو، الذي يميل إلى الأسلوب المنظم والمقيد تكتيكياً، فقد أصبح دور فينيسيوس أكثر انضباطاً وتحديداً ضمن منظومة دفاعية وهجومية محكمة.
هذا التقييد يُشعر فينيسيوس بأنه لا يستطيع إظهار كامل إمكاناته أو التنافس على الجوائز الفردية، مما يزيد من إحباطه ويجعله يشتاق إلى حقبة أنشيلوتي التي منحته التوهج المطلق والتقدير العالمي.
تبقى الأشهر القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كان بإمكان هذا الثنائي العمل معاً لخدمة أهداف النادي، أم أن التوتر سيصل إلى مرحلة تدفع اللاعب البرازيلي لمغادرة أسوار سانتياجو برنابيو.
اقرأ أيضا
أكبر صفقات التاريخ.. 5 خيارات أمام فينيسيوس قبل الرحيل عن ريال مدريد
التعليقات السابقة